لماذا يضعف الدولار عالميًا ويقوى أمام الشيكل؟

خلال الأسبوعين الماضيين، شهدنا تراجعًا ملحوظًا في قيمة الدولار عالميًا، حيث انخفض بنسبة 2.8% أمام ست عملات رئيسية، ورغم هذا التراجع العالمي للعملة الأمريكية، فإنّ الشيكل كان الاستثناء، ويعود ذلك إلى مزيج من العوامل الاقتصادية والاستثمارية والجيوسياسية.
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

Ameer 1

رغم التراجع الملحوظ في قيمة الدولار عالميًا خلال الأسبوعين الماضيين، حيث انخفض بنسبة 2.8% أمام سلة من ست عملات رئيسية، إلا أن الدولار في المقابل ارتفع بنفس النسبة أمام الشيكل. هذا التناقض اللافت يثير تساؤلات حول العوامل التي تدفع الشيكل إلى التراجع بينما تسجل العملات الأخرى مكاسب أمام العملة الأمريكية.

التطورات الاقتصادية والسياسية الأخيرة في أوروبا ساهمت بشكل كبير في تعزيز قوة اليورو مقابل الدولار، فمنذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب منصبه، ارتفعت الضغوط على الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي، وهو ما انعكس بشكل خاص على ألمانيا حيث أعلنت الحكومة الألمانية الجديدة عن خطة لاستثمار 600 مليار يورو خلال العقد القادم في تحديث الجيش. إلى جانب ذلك، سيتم توجيه 500 مليار يورو أخرى نحو مشاريع البنية التحتية الحيوية، وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة. هذه السياسات دفعت إلى ارتفاع معدلات الإنفاق العام، ما زاد من التوقعات بارتفاع التضخم، وبالتالي دعم قوة اليورو حيث يتوقع المستثمرون عوائد أعلى على الأصول الأوروبية.

على الجانب الآخر، يتعرض الدولار لضغوط كبيرة بسبب المخاوف المتزايدة من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي. السياسات التجارية للرئيس ترمب، وخاصة التعريفات الجمركية المفاجئة التي فرضها على واردات معينة، أثارت قلق المستثمرين بشأن احتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود. وفقًا لتقديرات بنك جي بي مورغان تشيس، ارتفعت احتمالات الركود في الولايات المتحدة إلى 40%، ما يشير إلى تباطؤ متوقع في معدلات النمو. الأسواق المالية الأمريكية عكست هذه المخاوف من خلال تسجيل انخفاضات حادة، حيث شهدت أسواق الأسهم موجات بيع مكثفة نتيجة توقعات بتباطؤ أرباح الشركات الكبرى.

وفقًا لموقع كالكاليست، هناك ارتباط وثيق بين أداء الأسواق المالية وضعف الشيكل، حيث تؤدي التراجعات الحادة في أسواق الأسهم إلى دفع المؤسسات الاستثمارية الإسرائيلية إلى زيادة مشترياتها من العملات الأجنبية لتعويض الخسائر وضمان توازن محافظها الاستثمارية. مع تراجع قيمة الأسهم، تنخفض عمليًا نسبة تعرض هذه المؤسسات للعملات الأجنبية، ما يستدعي منها شراء المزيد من الدولار وغيره من العملات لتعويض الفجوة، وهذا يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار وارتفاع قيمته أمام الشيكل.

علاوة على هذه العوامل الاقتصادية والمالية، لا يمكن تجاهل التأثيرات الجيوسياسية المتزايدة على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث لا تزال حالة عدم اليقين السياسي والأمني تلقي بثقلها على الأسواق. استمرار التوترات في المنطقة، إلى جانب القضايا السياسية الداخلية، يؤدي إلى زيادة حساسية الشيكل تجاه التطورات العالمية والمحلية، ما يجعله أكثر تقلبًا مقارنة بعملات أخرى تتمتع بظروف أكثر استقرارًا.

بالمحصلة، فإن ضعف الشيكل أمام الدولار، رغم التراجع العالمي للعملة الأمريكية، يعود إلى مزيج من العوامل الاقتصادية والاستثمارية والجيوسياسية. ضعف الأسواق المالية، الحاجة المتزايدة للمؤسسات الاستثمارية إلى تعزيز احتياطاتها من العملات الأجنبية، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، كلها عوامل تضع الشيكل تحت ضغوط شديدة، ما يدفع الدولار إلى مواصلة ارتفاعه أمام الشيكل رغم الاتجاه المعاكس الذي يشهده عالميًا.

مقالات ذات صلة: خسائر بالتريليونات في الأسواق المالية الأمريكية

مقالات مختارة