سجل قطاع الهايتك في البلاد ارتفاعًا في معدلات البطالة خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع عدد الباحثين عن عمل في مجالات تطوير البرمجيات وتحليل التطبيقات بنسبة 12% خلال الشهرين الماضيين، من 6,250 في ديسمبر 2024 إلى 7,000 في فبراير 2025. في الوقت ذاته، شهدت مجالات إدارة قواعد البيانات والشبكات زيادة في عدد الباحثين عن عمل بنسبة 9% خلال نفس الفترة، حيث ارتفع العدد من 1,070 إلى 1,170.
ووفقًا لتقرير سوق العمل لشهر فبراير 2025 الصادر عن مكتب العمل، فإن نسبة الباحثين عن عمل من قطاع الهايتك ارتفعت من 7.5% في بداية 2024 إلى 11.3% في فبراير 2025، ما يشير إلى أزمة تثير القلق في القطاع.
ما يجعل هذه الأرقام أكثر لفتًا للانتباه هو أن الزيادة في بطالة قطاع الهايتك تأتي في الوقت الذي شهد فيه إجمالي عدد الباحثين عن عمل في باقي المجالات انخفاضًا بنسبة 2.2% في فبراير، ليصل إلى 160 ألف شخص، وهو أدنى مستوى منذ بداية الحرب. ومع ذلك، فإن الزيادة لم تقتصر على مجالات البرمجة وتحليل التطبيقات، بل شملت جميع التخصصات التكنولوجية والهندسية، حيث ارتفع عدد الباحثين عن عمل في مجالات الهندسة (باستثناء الهندسة الكهربائية والإلكترونية) بنسبة 4.9%، فيما ارتفع عدد التقنيين والمتخصصين في العلوم الفيزيائية والهندسية بنسبة 3.3%، وشهدت تخصصات تكنولوجيا المعلومات ارتفاعًا بنسبة 0.8%.

ارتفاع معدلات البطالة بين متخصصي الهايتك بشكل متواصل
التقرير يشير إلى أن هذه الظاهرة ليست مجرد تقلبات موسمية، بل هي جزء من اتجاه متواصل منذ ست سنوات. ففي يناير 2019، كان موظفو قطاع الهايتك يمثلون 6.3% من إجمالي الباحثين عن عمل، ولكن هذه النسبة تضاعفت تقريبًا لتصل إلى 11.3% في فبراير 2025. وشهدت الأشهر الأخيرة، وتحديدًا منذ الربع الثالث من عام 2024، تسارعًا في معدلات البطالة بالقطاع، ما يعكس تراجعًا مستمرًا في استقرار التوظيف في شركات التكنولوجيا. ففي حين كان سوق العمل في 2022 يهيمن عليه الطلب الكبير على الكفاءات، فإن الوضع اليوم مختلف تمامًا، حيث يواجه العديد من العاملين صعوبة في الاحتفاظ بوظائفهم أو العثور على فرص جديدة.
واحدة من العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع هي التوسع الكبير الذي شهده قطاع الهايتك خلال العقد الأخير. ففي عام 2019، كان القطاع يمثل 8.6% من إجمالي الوظائف في السوق، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 10% في 2025، أي بزيادة قدرها 1.4 نقطة مئوية. ومع ذلك، فإن حصة العاملين في الهايتك بين إجمالي الباحثين عن عمل زادت بمقدار 5 نقاط مئوية خلال نفس الفترة، ما يشير إلى أن نمو القطاع لم يكن كافيًا لاستيعاب المزيد من الموظفين. وتؤثر هذه الأوضاع بشكل خاص على الخريجين الجدد وذوي الخبرة المحدودة (Junior Developers)، الذين أصبح من الصعب عليهم الاندماج في سوق العمل وسط ارتفاع نسبة البطالة.
تراجع فرص العمل في القطاعات القوية
لم يقتصر تأثير الأزمة على قطاع الهايتك فقط، بل امتد إلى قطاعات أخرى تُعرف تقليديًا بقوتها واستقرارها. فخلال الشهرين الماضيين، ارتفع عدد الباحثين عن عمل في مجالات الهندسة، الطب، والإدارة، وهي قطاعات عادة ما توفر وظائف ذات دخل مرتفع. فقد ارتفع عدد الأطباء الباحثين عن عمل بنسبة 10%، فيما زاد عدد المديرين التنفيذيين العاطلين عن العمل بنسبة 4.3%.
الأثر الجغرافي لهذه الأزمة كان واضحًا أيضًا، حيث زادت معدلات البطالة في المدن الأكثر ازدهارًا اقتصاديًا. ففي حين شهدت معظم المدن انخفاضًا في معدلات البطالة، خاصة في الشمال، حيث تراجعت في رأس الناقورة بنسبة 14%، وفي عكا بنسبة 6.5%، وفي نهاريا بنسبة 6.3%، فإن المدن ذات الاقتصاد الأقوى شهدت ارتفاعًا في معدلات البطالة. فقد ارتفع عدد الباحثين عن عمل في هود هشارون بنسبة 3.8%، وفي كفار سابا بنسبة 2.2%، وفي تل أبيب بنسبة 2%، وفي رمات هشارون بنسبة 1.7%.
تأثير الحرب والتباطؤ الاقتصادي العالمي
العديد من العوامل أسهمت في هذه الأزمة، على رأسها استمرار الحرب، التي أثرت على الاستثمارات في قطاع الهايتك، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي خفض الطلب على الخدمات التكنولوجية. كما لعبت الإصلاحات السياسية والقضائية الأخيرة دورًا في زيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما أدى إلى هروب المستثمرين وتراجع نشاط الشركات الناشئة.
مقالات ذات صلة: “لولا الشركات العالمية لما دخل العرب مجال الهايتك في إسرائيل”