تأمل إسرائيل في فتح صفحة جديدة مع وكالة التصنيف الائتماني العالمية “موديز” بعد قرار الوكالة نقل مسؤولية تصنيفها من لندن إلى الولايات المتحدة، وهي خطوة تُثير في تل أبيب آمالًا بإعادة النظر في التصنيف المتدنّي الذي واجهته خلال العام الأخير وسط الحرب والتوترات السياسية والاقتصادية الداخلية.
بحسب التقديرات، فإن نقل ملف إسرائيل إلى فريق التحليل الأميركي – الذي يُعرف عادةً بموقفه الأكثر إيجابية تجاه إسرائيل – قد يكون بداية لتغيير تدريجي في نظرة الوكالة، خصوصًا بعد سلسلة من التخفيضات غير المسبوقة التي وضعتها خلف منافسيها بين وكالات التصنيف الثلاث الكبرى.

خفض غير مسبوق وسط خلافات سياسية وأمنية
التدهور في العلاقة بين إسرائيل و”موديز” بدأ حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، عندما خفّضت الوكالة في أبريل 2023 توقعاتها لتصنيف إسرائيل من “إيجابي” إلى “مستقر”، مستشهدة بتآكل المؤسسات وضعف الحوكمة على خلفية التوترات السياسية الداخلية والإصلاح القضائي المثير للجدل.
لكن الضربة الكبرى جاءت مع اندلاع الحرب، حيث أعلنت “موديز” في فبراير 2024 عن أول خفض فعلي لتصنيف إسرائيل من A1 إلى A2 بسبب تصاعد المخاطر الجيوسياسية والأمنية، مؤكدة أن هذه المخاطر ستبقى مرتفعة على المدى المتوسط والطويل.
وفي خطوة غير معتادة، خفّضت “موديز” التصنيف مرة أخرى في سبتمبر 2024 من A2 إلى Baa1، مع نظرة مستقبلية سلبية، واضعة إسرائيل في مصاف دول مثل بيرو وكازاخستان وبلغاريا، بعيدًا عن مجموعة الدول المتقدمة التي كانت تصنَّف بينها سابقًا.
مقارنة بالوكالات المنافسة: “موديز” الأكثر تشدّدًا
على عكس “موديز”، اتخذت وكالتا “فيتش” و”ستاندرد آند بورز” موقفًا أكثر اعتدالًا. فقد خفّضت “فيتش” تصنيف إسرائيل في أغسطس 2024 درجة واحدة فقط من A+ إلى A، بينما خفّضت “ستاندرد آند بورز” التصنيف مرتين من AA- إلى A خلال الحرب. اليوم، تجد إسرائيل نفسها مصنفة بدرجتين أقل لدى “موديز” مقارنة بالمؤسستين الأخريين.
في شرحها لقرار التخفيض المزدوج، أشارت “موديز” إلى غياب استراتيجية واضحة للخروج من الحرب، إلى جانب التوترات السياسية والاجتماعية الداخلية. كما انتقدت الوكالة بشكل صريح قضايا حساسة داخل إسرائيل مثل الصراعات حول النظام القضائي، وتجدد الخلافات بشأن التجنيد الإجباري لليهود المتدينين.
حتى في مراجعتها الأخيرة بعد وقف إطلاق النار المؤقت مع حزب الله، شددت “موديز” على أن المخاطر الداخلية ما تزال مرتفعة، محذّرة من أن سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية تزيد من حدة الانقسامات الاجتماعية.
هل تمهّد واشنطن الطريق لإعادة رفع التصنيف؟
بحسب موقع “غلوبس”، فإن قرار نقل مسؤولية التصنيف من لندن إلى واشنطن يأتي في وقت تزداد فيه الآمال بإعادة التقييم التدريجي للتصنيف، خاصة وأن الإدارة الأميركية والمحللين هناك معروفون بقراءة أكثر تفاؤلًا للواقع الإسرائيلي مقارنة بالفريق الأوروبي الذي كان يقوده في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، يشير خبراء الاقتصاد إلى أن تعديل التصنيف نحو الأعلى عادة ما يكون أبطأ بكثير من التخفيض، وقد تستغرق إسرائيل سنوات طويلة لاستعادة التصنيفات المرتفعة التي تمتعت بها في السابق، حتى لو بدأ المزاج داخل “موديز” في التغير.
من المتوقع أن تعلن “موديز” قرارها المقبل بشأن تصنيف إسرائيل خلال الأشهر المقبلة وفق الجدول الزمني المعتاد. إلا أن المراقبين لا يستبعدون أن تكتفي الوكالة بإصدار مراجعة دون إعلان تصنيف رسمي في هذه المرحلة الانتقالية، خاصة مع انتقال مسؤولية الملف إلى محلل جديد في الولايات المتحدة.
مقالات ذات صلة: مع عودة العدوان الإسرائيلي على غزة | ضبابية اقتصادية تخيّم على المشهد… والدولار يقفز أمام الشيكل